كيف يمكن للأهل تشجيع اطفالهم على تناول الاطعمة الصحية وحمايتهم من الآثار الصحية للوزن الزائد طويلة الامد في طفولتهم؟
في عام 2005 ظهر تقرير مخيف في مجلة نيوانغلند الطبية، فقد توقعت المجلة ان الارتفاع الثابت في عمرالانسان سوف ينتهي هذا القرن. ووفقا لهذا التقرير – وهناك العديد من التقارير التي تشبهه – فان العمر الافتراضي لاطفال الجيل التالي اقصر من العمر الافتراضي لاهاليهم. وكشف الكتاب بوضوح سبب هذا التهديد: انه ليس مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) ولا اي نوع اخر من الامراض المعدية. انه ليس الارهاب او الحروب، وهو ليس كارثة نووية او اثار التغيرات المناخية.. انها البدانة.
وعند النظر الى القرن العشرين سنلاحظ تغيرات كبيرة فيما يتعلق بصحة اطفالنا. وقد تميز هذا القرن بمعركته ضد الامراض المعدية – مثل شلل الاطفال والسل والخناق وامراض اخرى. وساعدت التحسينات في التعقيم والتغذية وتطور المضادات الحيوية واللقاحات على تحسين صحة الاطفال واطالة اعمارهم الافتراضية بشكل كبير، على الاقل في البلدان المتقدمة. ومع نهاية القرن، فقد ربح الاطفال المولودون في البلدان الغربية المعركة، ولكن اتجاها جديدا بدأ بالظهور في العقدين الاخيرين، انه خوف الصحة الذي لم ننتبه اليه على الاطلاق، انه تأثير جانبي غير متوقع لنجاحاتنا الاقتصادية، فبينما كنا مشغولين بامراض خطيرة، مثل التهاب السحايا وسرطان الدم (لوكيميا)، كان حجم اطفالنا يكبر اكثر واكثر.
مازال الجدل قائما حول التعريف الدقيق للوزن الزائد والبدانة، ومتى يمكن اعتبار الطفل بدينا، لكن بغض النظر عن ذلك تشير الاحصائيات الى انه على الاقل واحد من اصل خمسة اطفال في الدول الغربية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة واستراليا يعانون الوزن الزائد ووفقا لمعدل زيادة البدانة الحالي، يمكن ان تصبح هذه الاحصائية واحدا من اصل اربعة، اما في الشرق الاوسط فان معدل البدانة لدى الاطفال بلغ 6 في المائة، مؤكدا ان هذا الرقم صعد اكثر من ذلك بكثير منذ الدراسة الاخيرة. وبالمقارنة مع الأطفال من عشرين سنة، فانهم الان اكثر عرضة للوزن الزائد بمرتين واكثر عرضة للبدانة بثلاث مرات.
البدانة لدى البالغين في ازدياد ايضا. وتبين المعلومات الحالية القادمة من البلدان الاكثر بدانة ان اكثر من نصف السكان البالغين يعانون اما من الوزن الزائد او من البدانة المفرطة. لقد اصبح الامر رسميا: الاشخاص اصحاب الاوزان الصحية اصبحوا من الاقليات. وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة مازالت تتصدر قائمة البدانة، فان العديد من البلدان الاخرى اصبحت تزاحمهاعلى هذه القائمة، وتتفاقم المشكلة في الشرق الأوسط بشكل كبير، حيث تم تصنيف الكويت في المرتبة الثامنة على قائمة أكثر بلدان العالم بدانة، التي تترأسها الولايات المتحدة وتفيد تقارير منظمة الصحة العالمية بأن اسبانيا واستراليا والمملكة المتحدة والبرازيل والمسكيك وروسيا تقترب جميعها من مستوى البدانة لدى الولايات المتحدة.
المخاطر الصحية
ان الإصابة بالبدانة لدى الاطفال أو البالغين لا تؤثر فقط في أسلوب حياة الشخص المصاب، بل هنالك عواقب صحية خطيرة ايضاً. فقد ازداد خطر الاصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والاصابة بمرض السكر من الفئة الثانية لدى الاطفال بشكل كبير، وتعرف هذه الأمراض «بأعراض الأيض» والتي تؤدي إلى الموت المبكر نتيجة الاصابة بالنوبة القلبية والجلطة وفي العامين المنصرمين اطلق الاطباء ناقوس الخطر حول ازدياد أعراض الأيض لدى المراهقين البدناء.
ومن المفارقة ان مشكلة البدانة ظهرت في وقت ازداد فيه الوعي الصحي لدينا أكثر من قبل، فقد اصبح من السهل جدا الحصول على الأطعمة الطازجة، والأندية الرياضية منتشرة في كل شارع، ومع ذلك ما زال وزننا يزيد كل عام، كيف يمكن لهذا ان يحدث؟
في حين ان الاسباب الدقيقة للبدانة ما زالت محل نقاش، وتؤكد معظم الدراسات على ضرورة ايجاد أبحاث واحصاءات أفضل، والتي تكون قد أتت نتيجة بزوغ البدانة كمشكلة صحية كبيرة، ومنذ زمن قريب فقط كنا نخشى على خسارة الاطفال للوزن بشكل مفرط.
وتكمن المشكلة لدى الاطفال البدينين في عدم توازن الطاقة لديهم، فهم يتناولون الكثير من السعرات الحرارية دون القيام بجهد كاف لحرقها، ويتحدث الباحثون عن ان المجتمع الحديث اصبح بيئة مسببة للبدانة، حيث نتناول كما أقل من الأطعمة الطازجة في حين نتناول كميات اكبر من الأطعمة المعالجة، التي تحتوي بشكل طبيعي على كميات أكبر من الطاقة والدهون، كما اصبحنا نذهب بالسيارة أو نركب المواصلات بدلا من المشي أو ركوب الدراجة، ونقضي وقتا أقل في الانشطة الخارجية، حيث فضلنا عليها الانشطة المنزلية، مثل مشاهدة التلفاز أو ألعاب الكمبيوتر.
بما ان مجتمعنا اصبح مشجعا للبدانة، فقد اصبحت طرق تربيتنا كذلك، لقد اصبحنا اكثر تساهلاً مع أولادنا، وتركنا لهم حرية الاختيار في كثير من المجالات، بما في ذلك حرية ان يأكلوا ما يريدون.
اكتشاف المشكلة
اذا كيف يمكنك معرفة ما اذا كان طفلك بدينا ام لا؟ الجهاز القياسي لذلك هو مؤشر كتلة الجسم BMI، الذي يحسب من طول الطفل ووزنه، وهناك العديد من حسابات مؤشر كتلة الجسم المجانية على الانترنت.
لكن يظهر بحث اجري حديثا ان حساب كتلة الجسم وحده غير كاف. فعلينا التحلي بالمنطق ايضا. فاذا بدا الطفل بدينا ويحب تناول الاطعمة المعالجة كما انه غير نشيط ولا يستطيع مجاراة زملائه، فلسنا في حاجة الى اختبار طبي لمعرفة المشكلة. صحيح انه يمكن للبدانة ان تعكس بعض الامراض الخطيرة غير الظاهرة، مثل امراض الغدة الدرقية او الكظر، والتي تتطلب الفحص في حال لم تكن الاجراءات الاعتيادية مثل تقليص كميات الطعام وزيادة التمارين ناجعة.
وافضل خبر حول مشكلة البدانة هو اننا نستطيع القيام بشيء ما لمعالجتها، من خلال المراقبة الفعالة والصارمة.A
ويقع على عاتقنا نحن الاهل ان نفكر جيدا بنوع الاطعمة التي نشتريها، وبوضع قوانين صارمة حول مشاهدة التلفاز او لعب العاب الفيديو او الكمبيوتر.
كما انه من المفيد معرفة كمية الطاقة الموجودة في الاطعمة. على سبيل المثال، يحتوي لوح شوكولاتة، تقريبا على مجموع كمية الدهون اليومية المسموح بها لطفل في الخامسة من عمره وعلى خمس كمية السعرات التي يحتاجها في اليوم، ولذلك لا يمكن تناولها كل يوم.
تحول السلوك
من الممكن حتما تغيير عادات تناول الطعام والانشطة التي يقوم بها الاطفال، ويعد الاهل هم العامل الاكثر تأثيرا في احداث هذا التغيير. في احدى الدراسات، تم تعليم مجموعة من الاطفال البدناء طرق خسارة الوزن. ولم تعلم مجموعة مشابهة من الاطفال شيئا، الا انه تم اعطاء التعليمات بنفس طريقة المجموعة الاولى الى اهاليهم. خمني من هي المجموعة التي خسرت وزنا اكثر؟
اذا لم نشتر الاطعمة غير الصحية وقدمنا مثالا يحتذى في تناول الطعام وممارسة التمارين الرياضية، عندها نستطيع تقليص خطر موتهم في عمر مبكر ــ يا لها من هدية نقدمها لهم، وبالطبع تستحق الجهد الذي نبذله في مراقبة الاطعمة.
ونتحمل كأهل مسؤولية صحة وأمان اطفالنا الاساسية، حتى يعيشوا حياة صحية وعمرا مديدا. لذا فقد حان الوقت لاعطاء اهمية لوزن الاطفال. نحن نقوم بحماية اطفالنا من الامراض، فلماذا لا نقوم بمراقبتهم حتى لا يكسبوا وزنا زائدا؟
خطوات بسيطة للمحافظة على وزن طفلك
1- تسوقي بمسؤولية: اذا لم توجد اطعمة غير صحية في المنزل، فلن يشعر اطفالك بالاغراء لتناولها.
2- كوني قدوة حسنة: اذا أبديت عدم رغبة في تناول الخضراوات، فتوقعي ان يقوم اطفالك بالشيء نفسه.
3- حددي كميات الطعام: عندما تقدمين اطعمة غير صحية، قومي بتحديد كمية الطعام.
اشتري اكياس البطاطا المقرمشة والواح الشوكولاتة الصغيرة. بهذه الطريقة لن يشعر طفلك بالحرمان، كما انه لن يكثر من تناولها ايضا.
4- ضعي جدولا زمنيا محددا: ضعي وقتا محددا لتناول وجبة خفيفة ــ لنقل عند الرابعة مساء ــ واسمحي لاطفالك شرب العصير مع البسكويت. بذلك يعلمون انهم يستطيعون تناول الحلوى في وقت محدد ولن يشعروا بالاغراء لتناول الحلوى في غير هذا الوقت.
5- ضعي الضوابط: اذا تركت طفلك في البيت مع الخادمة، فاحرصي على ان يعرف كلاهما النظام الغذائي الذي وضعته. وشجعي الخادمة على رفض اعطاء طفلك اي وجبات خفيفة. واشرحي لكليهما ان هناك ضوابط محددة في هذا المنزل.